Friday, August 17, 2018

حرب "قذرة" ضد الاعلام المهني في بقاع الارض



كتب حسام عزالدين:

لم تعد قصة الاعلام الاجتماعي " السوشيال ميديا"  هي ذاتها القصة الجميلة التي تغنى بها اصحاب السلطات في مختلف انحاء العالم، وتحديدا في العالم الاوروبي  حينما وصفت بانها  كانت "قائد" التغيير  في قيادة " الربيع العربي"، وباتت  القصة اليوم مختلفة تماما حينما وقف قادة العالم في مواجهة مباشرة ووفق قواعد "قذرة" لمواجهة الاعلام والبحث عن امكانية  احتلال مكانه لتغذية عقليات الشعوب.
في الولايات المتحدة الامريكية باتت وسائل الاعلام تدرك تماما قواعد هذه الحرب، خاصة بعدما نجح قائد الهرم السياسي في الولايات "ترامب" في دفع الاعلام الامريكي نحو ساحة مصارعة  يعتقد انه قادر على مواجهتها لانه كان مصارعا في السابق.
لذلك اعلنت وسائل الاعلام في امريكيا عن بدء التحضير لمواجهة الرئيس ترامب بعدما وصفها بانها عدوة الشعوب.
وبدأت محاولات ترامب لاحتلال مكانة الاعلام عند الشعب الامريكي حينما جهد نفسه من خلال وسائل الاتصال، وتحديدا "تويتر" ، بحيث انه ومنذ تسلمه دفة الحكم في امريكيا حرص على ان  يغرد كل صباح بتغريدة  ما تشغل  وسائل الاعلام، وكانه يرمي الطعم  لاصطياد وسائل الاعلام، لكن هدفه كان وضع نفسه مخاطبا للشعوب بدلا عن وسائل الاعلام.

وبعد فترة ليس بالطويلة، التي اعتبرت فيها وسائل التواصل الاجتماعي و"السوشيال ميديا" مظهر جديد من مظاهر الحرية وتعزيزها في مختلف انحاء العالم،  شكل هذا النوع من الاعلام نافذة مكنت السلطات القائمة من الدخول بعنف ضد وسائل الاعلام  المهنية من خلال التذرع في " فوضى المعلومة في الاعلام الجديد ".
ومما ساعد السلطات القائمة في الدخول من هذه النافذة، حالة  اغفال الاعلام المهني وفي كثير من المناسبات لقواعد العمل الاعلامي المتفق عليها، او بمعنى ادق " حالة ابتعاد الاعلام المهني عن مهنيته"، بل ان وسائل اعلام مهنية  اتفقت وفي كثير من الاحيان مع توجهات السلطات القائمة في وضع قوانين جديدة لاحكام سيطرتها على المعلومة.
في اسرائيل، دولة الاحتلال، التي تعتبر عند الغرب ولدى بعض دول عربية، بانها دولة متطورة اعلاميا، اتخذت اجراءات حديثة تعتبر بديهيا من اجراءات القمع الاعلامي،  وتماشيت تماما مع النظرة التي ينظر منها رئيس الولايات المتحدة الامريكية الى الاعلام.
فمن قانون منع تصوير جنودها عند قيامهم بعمليات قمع للفلسطينيين، الى تسهيل عمليات اعتقال الصحافيين الفلسطينيين والتحقيق معهم تحت بند " التحريض عبر صفحات الانترنت"، تمارس اسرائيل حربها دون اي اعتبار لاي من قوانين العمل الاعلامي والحرية الاعلامية التي تغنى بها العالم "المتحضر"، وقال محققون لصحافيين فلسطينيين " لن نتوانى عن فعل اي شيء ضد الاعلاميين، ولا نكترث لاحد".
علي دار علي ، مراسل تلفزيون فلسطين،  ظهر في العديد من التقارير الصحافين وهو يعاند قوات الاحتلال، في اطار عمله الصحافي، وكان مغامرا في التغطية حتى في ساعات الصباح الباكر، غير ان سلطات الاحتلال دخلت عليه من ذات النافذة التي  باتت تستخدمها السلطات القمعية " معلومات الانترنت والعالم الالكتروني".
ولم يقف الامر عند هذا الحد، فقد بادرت العديد من الحكومات القمعية، وبعد تحييد او اضعاف وسائل الاعلام المهنية، الى تغذية الشبكة العنكبوتية باخبار كاذبة ووضعتها تحت تصرف الجمهور،  وهي بذلك فقد اشغلت مؤسسات حقوقية تدافع عن الاعلام في مختلف انحاء العالم، في مهمة جديدة تتمثل في ملاحقة المعلومة الكاذبة او ملاحقة " الاعلام الكاذب".
كل هذه المؤشرات توضح ان العاملين في القطاع الاعلامي في  مختلف انحاء العالم، باتوا يدركون ان حرب الاعلام باعتباره "السلطة الرابعة" مع باقي السلطات الثلاث الاخرى "التشريعية، التنفيذية، والقضائية" اصبحت اشد ضراوة واكثر قذارة عن فترات سابقة، وهي بذلك اما ان تسهم في تعزيز وتقوية الاجسام الصحافية المدافعة عن حقوقها او تؤدي الى استفحال سيطرة السلطات على وسائل الاعلام المختلفة، بحيث تخرج سيطرتها لتطول وسائل اعلام خاصة ولن يكتفي الامر على وسائل الاعلام الرسمية.




No comments: