Wednesday, June 22, 2016

اللايك والاعجاب بالمتوفي

"برجوازية"   الفيسبوك  الافتراضية في النعي والتعزية

حسام عزالدين:
    مثلما صنع عالم الانترنت، وبخاصة صفحات التواصل الاجتماعي، عالما  افتراضيا من الاصدقاء والقصص، صنع كذلك ما يمكن وصفه ب" البرجوازية" الفيسبوكية، وطالما انها فيسبوكية، فهي بالتأكيد " برجوازية افتراضية" لم يتنبه اليها علماء الاجتماع سابقا، او لم يتنبؤوا بها.
وتظهر هذه البرجوازية في ابهي صورها فيما ينشر عبر صفحات الفيسبوك من تعازي ونعي، وما يلحق بعملية النشر من تعليقات واعجاب، لا يعرفها من لا يمتلك صفحة له عبر الانترنت، فالقضية لا تتعلق بالتهاني التي يمكن اعتبارها شيئا عاديا بان تضع اعجابا.        
حتى فترة وجيزة، كانت اعلانات النعي على الصفحات الاولى في الصحفة الورقية، مظهرا من مظاهر البرجوازية لدى الناشرين الذين يودون من اعلاناتهم هذه استقدام اكبر عدد من الاصدقاء والمعارف الى بيت العزاء  كي يظهر الناشر امام مقربيه بانه يعرف الكثير من الناس وان هؤلاء الناس تاثروا على حزنه.

لكن الامر اليوم يختلف، و لا اعرف  ان كان هناك متسعا من الوقت لإنسان  فقد عزيزا  عليه، بان ينعاه  من خلال صفحة الفيسبوك ، قبل ان يدفنه او حتى يوم مماته، الا ان  كان  المتوفى لا يعز الناشر بقدر ما يهمه تعليقات الاصدقاء، فيكتب كثيرون " توفيت اليوم والدتي"، واعتقد ان والدته قد تكون  لا زالت في ثلاجة الموتى حينما نشر هذا البوست، واخر يكتب  بانه فجع اليوم بوفاة والده او اخته او اخيه،  ويكون المتوفى لم يدفن بعد.
واخرون يكتبون " اليوم توفي زوج  ابن خال مرت ابو مرتي" و " واخرون يواصلون الكتابة " توفي اليوم ابن عم زوجي ابن  خالتي في البرازيل"، كانه ينادي وبشكل وضيع على اصدقائه المفترضين  بان يعزوه بلايك او  بتعليق.
لم اجد تفسيرا واحدا بان  تضع "لايك" على صفحة انسان  ينشر خبر وفاة امه او والده، الا  تفسيرا واحدا بانك معجب بوفاة المتوفى، او معجب بحزن الناشر على وفاة قريبه.
ووجد المعلقون او المعجبون منفذا لهم لممارسة برجوازيتهم  الفيسبوكية المفترضة، حينما اكتفوا بالتعليق او بالإعجاب  على الوفاة، وبالتالي  يعتبرونه كافيا  بدل الوصول الى بيت العزاء، خاصة وانه  هو اصلا  سبقهم بان اكتفى باللايك ولم يصل اليهم  عند اخر وفاة.

No comments: