Monday, March 26, 2018

للاعلام الفلسطيني .. هل احصيتم الجثث؟!!!

كتب حسام عزالدين
فيلم اميركي لفت انتباهي فيه لقطة، تتحدث عن غزو  لجيش من كوريا الشمالية لإحدى المدن الأمريكية، حيث تمت مواجهة هذا الجيش بحرب عصابات الامر الذي دفع الجيش الكوري الشمالي لملاحقة العصابة الاقوى بالصواريخ والمدافع وقصف موقعها، وبعد الهجوم تلقى قائد الجيش مكالمة لاسلكية من القائد الميداني، قال فيها " تم قصفهم وقتلهم جميعا".
رد قائد الجيش" وهل احصيتم جثثهم؟؟".
قال القائد الميداني " وجدنا جثتين".
رد القائد " اذا لم تقتلوهم جميعا كما قلت ".
وفي اعلامنا الفلسطيني المحلي للأسف، نخرج في كثير من الاحيان بنتائج اعلامية قبل التأكد من الحقائق واثباتها، بل ان اعلامنا في كثير من الاحيان لا يؤدي الا دور الناقل لما يقوله هذا الطرف او ذاك.
فلا يوجد لأي قصة رواية اعلامية تخالف المؤيدين او المعارضين، بمعنى رواية تقف على حقائق توصل اليها عمل اعلامي محترف، مثلما نرى وقرأنا في مختلف انحاء العالم.
فمن قصة نيفين العواودة التي قتلت في منطقة بيرزيت، وصولا الى انس ابو خوصة الذي قتل على خلفية سياسية وامنية معقدة،  عاش الرأي العام حائرا وسط كم من الاخبار المتدفقة التي لا تمثل الا اراء ومعلومات اطراف  القصص انفسهم، واتخذ الاعلام المحلي اداءا سلبيا في نقل ما قاله هذا وذاك تحت يافطة اعتقد انها الاصح وهي " الرأي والرأي الاخر ".
"ليس كل ما يلمع ذهبا" مقولة يتم تناقلها كثيرا في الوسط الشعبي، والتي تعني ان لا تنظر الى اي شيء بانه عظيم او انه حقيقة، وهذه المقولة قد تمثل مضمون العمل الاعلامي الذي يجب  العمل عليه عند متابعة اي قصة اعلامية تكون محط اهتمام الرأي العام، دون التأثر بالطبع باي لون من الالوان السياسية التي كل منها يحاول تجريم الاخر.
بل ان اي اعلامي لن يكون اعلاميا ولن يصل الى الحقيقة في حال اتبع اي لون من الاولوان السياسية، او اتبع رأي دون اخر، لان التبعية انما تعني العمى الاعلامي والابتعاد كثيرا عن الحقيقة.
فان لم تحصي الجثث، مثلما جاء في قصة الفيلم الامريكي، لا يمكن لك باي حال من الاحوال ان تقول قتلناهم جميعا، وان لم يظهر مشهد قتل الفتاة نيفين العواودة  مصورا بتفاصيله،  رغم ان حتى التصوير بالإمكان اليوم تصويره، لا يمكن القول ان فلان هو من قتلها، حتى ولو اعترف القاتل بلسانه.
وفي ذات الوقت، ليس مطلوبا من كل  افراد المجتمع، ان يعيشوا وفق مفهوم " الشك الديكارتي" القائم على مبدأ " انا اشك اذا انا موجود" بل الحديث يدور عن اعلام من المفترض ان يكون العين الساهرة للرأي العام، اعلام يمثل من الناحية النظرية السلطة الرابعة التي من  المفترض ان تراقب اداء السلطات الثلاثة الباقية.
وكل ما ذكر اعلاه انما يعني، ان الاعلام المحلي يجب ان يقدم روايته الى جانب الروايات المتدفقة حول اي قصة من القصص التي تنخر بال الرأي العام، بمعنى انه اذا قدمت الجهات المختصة روايتها، فعلى الاعلام ان يقدم للرأي العام روايته المستندة بالأساس الى حقائق واثباتات تم التوصل اليها من خلال الالتزام بقواعد الاعلامي.
واتفق تماما مع الرأي القائل، ان هذا لن يتحقق مطلقا الا في حال واحدة، وهو  تعزيز الاعلام المحلي المستقل وتحويل الاعلام الرسمي الى اعلام عام.

No comments: