Friday, January 9, 2015

عنــدما دوّت صـرخــات الـمواطــن "أبو سـاكـوت" في أروقـة "التشــريعي"


هذه المادة كتبتها في العام 2007، حينما كنت متخصص في تغطية اعمال المجلس التشريعي، واعتز بها .......

01 شباط 2007
كتب حسام عزالدين:

"ما بحرث الارض الا عجولها ... وما بحك جلدك الا ظفرك". صرخ هاشم ابو ساكوت في قاعة المجلس التشريعي في محاولة للفت انظار النواب الذين كانوا يهمون بمغادرة القاعة عقب انتهاء جلسة التشريعي التشاورية أول من أمس.
ولا يعرف "ابو ساكوت"، المتواضع البسيط، ولم يسمع من قبل ما قاله اكثر من مسؤول فلسطيني وعربي ان هناك تدخلات اقليمية ودولية تعيق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وانه لا يمكن التوصل الى تشكيل حكومة وحدة وطنية اذا لم تتوفر الارادة الفلسطينية المستقلة عن اية تدخلات خارجية.
من النواب من تجاهل صرخات "أبو ساكوت" ومنهم من انتظر ليسمعها، وكذلك فعل بعض الصحافيين، خاصة وانه ظهر في اللباس الفلسطيني التقليدي وبلحيته التي اكتساها الشيب وتشير الى تواضع وبساطة معهودة كثيراً في المجتمع الفلسطيني.
"ابو ساكوت" (67 عاما)، قدم من بلدة بني نعيم الى رام الله ليحاول الالتقاء مع بعض المسؤولين، كونه يعتقد ببساطته العفوية انه يمتلك الحل للازمة الفلسطينية الراهنة.
ويقول: ان حالة الاقتتال الداخلي والعفن السياسي هو ما دفعه للقدوم الى رام الله وتحمل مشاق السفر.
وكي يجلب الانتباه، صعد "ابو ساكوت" في البداية الى منصة رئاسة المجلس، وبيده عصا يستخدمها للاتكاء عليها، وبدأ يتلو بيانا، الا ان النواب طلبوا منه النزول عن منصة الرئاسة وانهم سيسمعونه لاحقا، بعد ان صادروا عصاته.
وصرخ "ابو ساكوت" في محاولة لارغام النواب على الاستماع له، "يا عمي اسمعوني والله اني في يدي الحل للازمة".
لكن العدد الاكبر من النواب خرج من القاعة، في حين وقف البعض ليستمع له على مضض.
وقال "يا عمي انتم من انتخبناكم كي تحاسبوا الحكومة واي جهة، انتم من يتحمل المسؤولية".
واضاف وهو يشدد في قبضته محاولا اخراج صوته بقوة "يجب ان تأتوا برئيس الوزراء وحاشيته والرئيس ابو مازن وحاشيته وتسمعون لهم هنا في المجلس، وتقررون لنا من المخطئ".
وقال "ابو ساكوت" "يجب ان تقولوا، بقوة ولا تردد، لاولمرت انه لن يكون له اي سلام ولا لاسرائيل اذا لم تنسحب اسرائيل من اراضي الـ67، ونحن اكثر المتعطشين للسلام".
واضاف "لكنكم لا تريدون ان تقولوا ذلك ولا تريدون ان تسمعونا".
وقال "ابو ساكوت" انه يبيت في رام الله منذ ثلاثة ايام، وجاء الى رام الله ليلتقي اي مسؤول او اي نائب في "التشريعي"، رغم انه لا يملك سوى اجرة الطريق من بني نعيم الى رام الله.
ويعود ابو ساكوت، استاذ الابتدائية المتقاعد البسيط، الى اسرة عرفت في قرية بني نعيم بانها اسرة مناضلة، ولديه ابن "رجائي" اعتقل حينما كان عمره 15 عاماً، وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام لاسباب امنية، ومن العائلة من هدم الاحتلال بيتهم لاسباب امنية كذلك.
وحاول بعض النواب وموظفي المجلس اسكات "ابو ساكوت" الذي قاطع النواب اكثر من مرة وهو يرفع يده للحديث، الا ان "ابو ساكوت" رد على هؤلاء "يا عمي انا زعيم فلسطيني من خلف الستار!".
وفي حين ان احاديث "ابو ساكوت" خرجت من رجل تقليدي، تبين لاحقا انه استاذ متقاعد، وبالتالي لم يأبه له احد، الا ان احاديث النواب على مدار ساعتين ونصف لم تكن لتختلف كثيراً عن احاديث الرجل البسيط.
وكان الاقرب لما قاله "ابو ساكوت" ما اقترحته عضوة في المجلس بان تتم جلسات الحوار بشكل علني ومفتوح كي يعلم الناس من هو المخطئ ومن هو المصيب، وهذا ما قاله "ابو ساكوت".
وتحدث نواب من مختلف الكتل والقوائم، وتحديداً من كتلتي "فتح" و"حماس"، بحيث طالب غالبيتهم بتحديد المسؤول عن حالة الاقتتال الداخلي والمتورطين فيها، وهذا ما قاله "ابو ساكوت"، ولكن على مستوى الرئاسة والحكومة.
وفي حين ان "ابو ساكوت" ونوابا آخرين طالبوا بعلنية الحوار الداخلي حول تشكيل الحكومة الوطنية، لم يكن "ابو ساكوت" يعلم ان هناك اتصالات هاتفية مع قناة الجزيرة كانت تطالبها بوقف البث الحي لاحاديث النواب، كون الجلسة غير شرعية، وذلك حسب ما قالت مصادر برلمانية استنادا لمعلومات من "الجزيرة".
وخرج "ابو ساكوت" "الناخب" عن سكوته، على طريقته الخاصة، قبل ان يسمع دعوة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، عقب نهاية الجلسة، للناخبين لـ "مساءلة ناخبيهم حول ما يقومون به من دور، او ان كانوا ملتزمين بما وعدوا به ام لا".

No comments: