Sunday, September 1, 2019

عقم اعلامي في قضية الفتاة اسراء غريب

حظيت قصة وفاة الفتاة اسراء غريب، باهتمام اعلامي هائل في وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرت تسجيلات صوتية وصور شخصية، جميعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والكل سار في ركب القصة كما تناقلتها شبكات الانترنت، حتى انا مقيمين في خارج البلاد، ومنهم اعلاميين عملوا في الاعلام المحلي، كان لهم دورا هائلا في الترويج للقصة وفق سيناريو واحد، وهو ان اهلها قتلوها او ضربوها ومن ثم توفيت .... الخ،  والرواية الرسمية بقيت تنتظر ما سيقرره النائب العام من استنتاجات وصل اليها من التحقيق.
صحيح ان ضغط الراي العام  من الممكن ان يمنح القضية اهتماما جديا من قبل السلطة واجهزتها، غير ان ما اعلنته السلطة والشرطة من حرصها  على ان يأخذ  القضاء مجاله تم تجاهله من رواد الانترنت وواصلوا النشر اليومي حول القصة.
تلفزيون وطن، كان من المؤسسات الاعلامية الوحيدة، التي وصلت  الى منزل الفقيدة واجرى مقابلات مع  بعض اقاربها، وقال في نهاية تقريره بان نقل المقابلات لا يعني الاقتناع بها، خاصة وان التقرير تضمن اقاويل واحاديث عن بطل جديد في القصة وهو الجن.
التقرير كان مهما، رغم انه كان منقوصا  كونه لم يظهر اطراف مهمة من العائلة عوضا عن انه لم يعرض باقي القصة من المستشفى او اطراف اخرى، وانما اظهر فقط طرف واحد من القصة، وهو الطرف المتهم اصلا.
لكن التقرير، ومن رأه  بتمعن من الممكن أن يستنتج كثير من الامورالتي تقود الى المساعدة في التحقيقات الجارية حول القضية.
لم تحظ قضايا مشابهة سابقة بما حظيت به قضية اسراء، لكن كما قالت  الزميلة ناهد ابو طعيمة فان الاهتمام بقضية اسراء يبدو انه وقع بسبب الشريط الصوتي للفتاة وهي تصرخ في المشفى وتطلب الشرطة، اضافة الى نشرها لصورتها وهي في المشفى تقول بانها "منيحة لغاية الان".
ان تحظى القصة باهتمام اعلامي ورأي عام شيء جميل يدفع الى نوع من التفاؤل، لكن هذا لا يمنع من التذكير بقضايا قتل مشابهة، مثل الفتاة نفين وفاتن وووووو غيرها، ويدفعنا للسؤال والاستفسار لماذا اليوم  الاهتمام اكثر ولماذا استسلم الاعلام لروايات رسمية سابقة رغم قناعته بعدم صدقيتها.
الاهتمام الاعلامي الهائل اليوم بقضية الفتاة اسراء، وان كان هائلا ، غير ان صور الاعلام المحلي في القضية يبدو مثل من يبحث عن الارتواء من اي ماء دون التاكد منه ، ان كان صالحا او طالح، مع انه يعرف تماما اين مصدر المياه العذب.
قصة اسراء، باعتبارها قضية اجتماعية وطنية وقضية راي عام، على الاعلام المحلي ان يتعب لمعرفة المصدر العذب للمعلومة،  لأن القصة لن تقف عند مقتل اسراء او عند قاتلها.
من تدرب على التحقيقات الاستقصائية الصحافية، يعرف كيف يبني معلوماته من مزرعة المعلومات حول اي قضية، وفي قضية اسراء مزرعة المعلومات الكبيرة تكمن في المشفى الذي استقبلها عندما نقلت اليه، حيث ان من الف باء البروتوكلات الطبية في المشافي تقول يجب ان يكون هناك طبيب مشرف على الحالة، وطاقم ممرضين او ممرضات منتشرين في المشفى، يسمعون ويعملون على راحة المرضى.
فان كان هناك من دخل وانهال بالضرب على اسراء داخل المشفى، فان سكوت المشفى او عدم درايته في الموضوع هو مشاركة في الجريمة ان وقعت، وعلى المشفى ان تكون لديه الرواية الواضحة رغم الحظر المفروض من قبل النيابة العامة والشرطة.
تفاصيل القصة بعيدا عن الباحثين على اللايكات على صفحاتهم، وبعيدا عن هوس الساعين في الخارج الى النجومية لدى الغرب، موجودة لدى المشفى الذي استقبل الحالة، وموجودة لدى الطب العدلي، ولن تجدوها عند الاهل او عند مؤسسات استفاقت من نومها حديثا على صراخات اسراء، او عبر صفحات الانترنت.
لم تستفرد وسيلة اعلام واحدة بسيناريو محتمل للقضية استنادا الى ما نشر من معلومات مفتوحة، وبعض وسائل الاعلام اصلا اختارت الصمت الى حين، وهذا ما فتح الابواب على مصراعيها لتكهنات فيسبوكية كثيرة .
فان كانت قضية اسراء باتت قضية راي اعلام محلي وعربي وحتى عالمي، فهل بادرت رئاسات التحرير في وسائل الاعلام  المسجل ورسميا للطلب من مراسيلها متابعة القضية عن كثب ؟؟؟
الجواب طبعا ب"لا" لان غالبية القائمين على المؤسسات الاعلامية يفضلون الابتعاد عن وجع الراس، وباتوا يخافون مقاضاتهم، وهذا أيضا جيد، لكن ان خافوا من المقاضاة  بامكانهم الالتزام  بالمهنية والابتعاد عن شعوذات الفيسبوك.

سيناريو صحافي محتمل لقصة اسراء ...
حملت المعلومات التي نشرت في الانترنت  بعضا من الحقيقة، وليس بالضرورة ان تكون جميعها حقيقية او جميعها كاذبة،  ومنها ان اسراء لوحقت من اقاربها بسبب نشرها صورتها وخطيبها عبر ال"سناب جات"، خافت اسراء من الضرب فاغلقت باب غرفتها ليلة التاسع من اب الماضي، غير ان  المعتدين هاجموا الغرفة وبدأوا يضربون على الباب، عندها وقفت اسراء على برندة غرفتها، وما ان نجح المعتدين بخلع الباب قفزت اسراء من البرندة فاصيبت بكسر في العامود الفقري وبعض الجروح استدعي نقلها الى المشفى.
لم تكن هناك نية للقتل في البداية، لذلك وحسب ما نشر على لسان الطيب المناوب في مستشفى الحسين، بانه لم يلحظ على  وجوه المرافقين الستة مع اسراء اي ملامح بأنها ضربت، وهو بالفعل ما جرى انها لم تضرب بل اصابتها كانت نتيجة القفزة.
نشرت اسراء صورة جديدة لها من المشفى، وهي تقول " انا لغاية الان منيحة"، وهذا في اليوم الثالث لوجودها في المشفى، وهذه الصورة هي ما استنفر المعتدين مجددا وذهبوا اليها ليلا بحجة طرد الجن من جسدها وطلب من العاملين في المشفى ترك اربع اشخاص معها لتخليصها من الجن، وهنا قامت ممرضة زائرة  بتسجيل صوت اسراء وهي تصرخ نتيجة الضرب.
اقنعت اسراء بالعودة الى المنزل في الثالث عشر من الشهر، وهي لا تفكر مطلقا باي عملية قتل، وبقيت في المنزل بالفعل تتلقى العلاج، لكن هناك من واصل التحريض عليها ودفع شخصا ما لضربها والاعتداء عليها  مجددا، وقد يكون بغاية  القتل او لم يكن القتل في الوارد، لكن تقرير الطبيب الشرعي هو ما سيقرر السبب الرئيسي للوفاة، حتى وان كانت الجلطة هي السبب، فانها وقعت بفعل شيئا ما ..
هذا السيناريو استند الى المعلومات المتوفرة من مصادر مفتوحة ، ولم يتم تأكيده من مصدر شرطي، وان كانت النيابة العامة  اقتربت من التوصل الى الحقيقة.

No comments: